مقدمة

روث الأبقار والأغنام ثروة غذائية للتربة وليست مجرد “مخلفات”. لكن استخدام الروث الطازج مباشرة يسبب مشاكل: روائح، حشرات، بذور حشائش، أمراض، وحرق جذور النباتات. الحل العملي للمزارع العربي هو تحويل هذا الروث إلى كومبوست ناضج؛ سماد عضوي آمن، متجانس، وسهل الاستخدام.

أولًا: لماذا نحول الروث إلى كومبوست؟

• تقليل الروائح والحشرات والذباب.
• قتل معظم بذور الحشائش والميكروبات الممرِضة بفعل الحرارة.
• جعل العناصر الغذائية في صورة بطيئة الإطلاق، فلا تُغسل مع أول ريّة.
• تحسين بناء التربة وتهويتها واحتفاظها بالماء.
• سهولة النقل والفرش في الحقل مقارنة بالروث الخام.

ثانيًا: أساس الفكرة – الكربون والنيتروجين والهواء

كائنات التخمير (بكتيريا وفطريات نافعة) تحتاج إلى:

1. مواد غنية بالنيتروجين (N)
   مثل: روث الأبقار والأغنام، قليل من روث الدجاج، بقايا خضروات خضراء.
2. مواد غنية بالكربون (C)
   مثل: قش القمح والشعير، تبن البرسيم، نشارة خشب غير معالجة، أوراق جافة، سيلاج قديم.
3. هواء + رطوبة
   الكومبوست الصحيح تخمير هوائي؛ لو انقطع عنه الهواء يتحول لتعفّن وروائح كريهة.

النسبة المثالية هي نسبة كربون إلى نيتروجين (C:N) حوالي 25–30 : 1.
روث الأبقار والأغنام بطبيعته غني بالنيتروجين؛ لذلك نضيف معه كمية جيدة من القش/التبن الجاف للوصول لهذه النسبة.

وصفة تقريبية للمزارع:

لكل عربة روث (حوالي 100 كجم) أضف 1.5–2 عربة من قش أو تبن جاف + قليل من بقايا محاصيل أو أوراق جافة.

ثالثًا: تجهيز مكان الكومبوست

• يفضَّل مكان قريب من الحظيرة ليسهل نقل الروث.
• أرض مستوية، غير غارقة بالماء، ويمكن تصريف مياه الأمطار منها.
• يفضَّل وجود ظل جزئي (سياج، سقيفة بسيطة من الزينكو أو الشادر).
• يُمنع تسرب العصارة إلى الآبار أو مصادر مياه الشرب.

يمكن عمل:

• كومة سطحية على الأرض.
• أو خندق بسيط بعمق 20–30 سم في المناطق الحارة للحفاظ على الرطوبة.

رابعًا: تجهيز الخلطة – ما المواد التي نستخدمها؟

مواد متوفرة في أغلب المزارع العربية:

• روث الأبقار والأغنام + الفرشة (قش/نشارة).
• قش وتبن القمح/الشعير/البرسيم بعد الدّراس.
• أوراق أشجار جافة، بقايا خضار من السوق أو البيت.
• كمية صغيرة من روث الدجاج (إن وجد) لرفع النيتروجين، لكن لا تزيد لأنه حار على التربة.
• طبقة رقيقة من تربة سطحية أو كومبوست قديم تعمل كبذرة ميكروبية.

رطوبة الخلطة

الهدف رطوبة 55–60٪ تقريبًا.
اختبار بسيط:

• خذ حفنة من الخليط واعصرها بيدك:
  • إن لم تخرج أي قطرة وكان الخليط يتفتت → جاف، نضيف ماء.
  • إن خرجت ماء غزير يسيل من بين الأصابع → رطب جدًا، نضيف قش/تبن جاف ونقلّب.

خامسًا: خطوات بناء كومة الكومبوست

1. طبقة جافة في الأسفل
   10–15 سم من القش أو عيدان الذرة لتحسين التهوية.
2. طبقات متبادلة
   • طبقة روث مختلط ببقايا الفرشة (10–20 سم).
   • فوقها طبقة قش/تبن جاف أو أوراق (10–15 سم).
   • رش ماء خفيف إن كانت الطبقة جافة.
   • يمكن إضافة قليل من تربة سطحية أو كومبوست قديم كل متر ارتفاع.
3. استمر في البناء حتى تصل الكومة إلى:
   • عرض: 1.5–2 متر
   • ارتفاع: 1.2–1.5 متر
     الطول حسب المساحة المتاحة.
4. غطِّ الكومة
   بخيش، أو مشمع مثقّب، أو طبقة رفيعة من القش؛ الهدف حماية السطح من الجفاف الشديد أو الأمطار الغزيرة مع السماح للهواء بالدخول.

سادسًا: إدارة الكومة – حرارة، تقليب، ورطوبة

1. الحرارة

خلال 3–5 أيام من البناء، تبدأ الكومة بالارتفاع الحراري:

• المرحلة المثالية: 45–60°م لمدة 1–3 أسابيع.
  هذه الحرارة تقتل معظم بذور الحشائش والميكروبات الضارة.

يمكن فحص الحرارة بـ:

• ترمومتر تربة إن توفر.
• أو إدخال سيخ حديد/عصا خشب في الكومة لمدة دقيقة؛ إذا كانت ساخنة عند لمسها فهذا جيد.

2. التقليب

التقليب هو إدخال الأكسجين من جديد، وتبريد الكومة إذا كانت ساخنة لدرجة مبالغة، ومزج المواد.

برنامج عملي:

• التقليب الأول بعد 2–3 أسابيع من بناء الكومة.
• بعدها كل 2–3 أسابيع حسب الجو وحالة الكومة.

علامات أن الكومة تحتاج تقليبًا:

• انخفاض الحرارة في القلب مقارنة بالحواف.
• رائحة تعفّن أو أمونيا قوية.
• مناطق سوداء لامعة ولزجة (لاهوائية).

طريقة التقليب:

• انقل محتوى الكومة إلى مكان جديد بجانبها، مع الحرص أن الطبقة الخارجية تصبح داخلية والعكس.
• أثناء التقليب صحّح الرطوبة: رش ماء إذا كانت جافة، أو أضف قشًا جافًا إذا كانت مبللة جدًا.

3. المدة اللازمة للنضج

في مناخات الوطن العربي غالبًا يحتاج الكومبوست:

• من 2 إلى 4 أشهر في الصيف.
• وقد يصل إلى 5–6 أشهر في الشتاء أو المرتفعات الباردة.

سابعًا: كيف نعرف أن الكومبوست جاهز؟

الكومبوست الناضج له صفات واضحة:

• لون بني داكن أو أسود، متجانس يشبه تربة الغابة.
• لا يمكن تمييز شكل القش أو الروث الأصلي إلا بنسبة قليلة.
• رائحة تربة نظيفة، بدون رائحة أمونيا أو تعفّن.
• درجة الحرارة قريبة من حرارة الجو.
• عند وضع كمية صغيرة في كيس بلاستيك لمدة يوم لا تظهر رائحة سيئة.

يمكن إجراء اختبار بسيط:

• ضع قليلًا من الكومبوست في وعاء وازرع به بذور جرجير أو خس.
• إن نبتت طبيعيًا دون اصفرار أو احتراق في 5–7 أيام، فالكومبوست آمن للاستخدام.

ثامنًا: استخدام الكومبوست في المزرعة

كسماد أساسي قبل الزراعة

• للخضروات والحقول الصغيرة:
  3–6 طن كومبوست للفدان (حوالي 6–12 م³) تُخلط مع التربة قبل الزراعة أو تفرش في الخطوط.
• لأشجار الفاكهة:
  10–20 كجم للشجرة البالغة مرة أو مرتين بالسنة، توزع في منطقة انتشار الجذور ثم تُغطى بالتربة أو المهاد.

كمحسّن للتربة

• خلط 20–30٪ كومبوست مع تربة المشتل أو الأصص.
• استخدامه كطبقة مهاد حول الأشجار لتقليل تبخر الماء ومنع نمو الحشائش.

تنبيه:
لا يُنصح باستخدام كومبوست غير ناضج؛ لأنه قد يسحب النيتروجين من التربة أو يرفع الحرارة حول الجذور، خصوصًا في الزراعات المحمية والسطحية.

تاسعًا: أخطاء شائعة يجب تجنبها

إضافة مخلفات ملوثة
مثل مخلفات دواجن ميتة، أكياس أو بلاستيك، أو زيوت؛ هذه تعيق التخمير وقد تنقل أمراضًا.

الاعتماد على الروث وحده دون مواد كربونية
يؤدي لرائحة أمونيا قوية وفقد كبير للنيتروجين.

ترك الكومة بدون تقليب لشهور
يتحول التخمر إلى تعفّن لاهوائي، ويُفقد جزء من الفائدة.

الغمر بالمياه أو تعريض الكومة لمطر غزير مستمر
يغسل العناصر الغذائية ويخنق الكائنات الهوائية.