إنتاجية القطيع في الأبقار الحلوب لا تعني كمية الحليب فقط. بل تُحسب من قيمة الحليب + قيمة العجول + قيمة البقرة عند خروجها من القطيع. لذلك، كل قرار إداري يؤثر مباشرة في الربح، خصوصًا القرارات التي تزيد عمر البقرة المنتج وتقلّل الفترات غير المنتجة.
ما المقصود بالفترات غير المنتِجة؟
يوجد وقت لا تنتج فيه البقرة حليبًا، مثل:
- من الولادة حتى أول ولادة (مرحلة العجلات/البدائل).
- فترة الجفاف قبل كل ولادة لاحقة.
ولهذا السبب، يجب أن نُدير العجلات بحيث تصل لحجم مناسب للتلقيح بعمر 13–15 شهرًا، وتلد لأول مرة بعمر 22–24 شهرًا. عندها نحصل على عمر إنتاجي أطول وربح أعلى.
أولًا: افهم منحنى الحليب لتُحسن الإدارة
إنتاج الحليب يتغير مع مرحلة الإدرار:
- يرتفع بسرعة بعد الولادة.
- يصل إلى ثبات نسبي بعد 40–60 يومًا.
- ثم ينخفض تدريجيًا بمعدل 5%–10% شهريًا.
كما أن البقرة تزيد إنتاجها مع العمر وعدد الولادات حتى نحو الإدرار السادس، وقد تنتج الأبقار الكبيرة حتى 25% أكثر من أبقار الإدرار الأول. لذلك، تحافظ الإدارة الجيدة على الأبقار السليمة داخل القطيع مدة أطول، وتقلّل الإخراج المبكر بسبب الأمراض.
ثانيًا: التغذية هي العامل الأقوى في الإنتاجية
في أغلب مزارع الحليب، تؤثر التغذية في الإنتاج أكثر من أي عامل آخر. ومع ذلك، لا تكفي “عليقة قوية” فقط، بل نحتاج عليقة مناسبة لكل مرحلة.
1) مرحلة الانتقال (قبل الولادة بـ 2–3 أسابيع)
هذه المرحلة تحدد كثيرًا من نجاح الموسم. لأن البقرة تقلّل استهلاكها للعلف قرب الولادة، ومع التوتر والنقل للحظيرة قد ينخفض الاستهلاك أكثر. وعندما يقل الأكل، يحصل:
- نزول وزن شديد.
- انخفاض قمة الإنتاج.
- زيادة أمراض ما بعد الولادة مثل: التهاب الرحم، احتباس المشيمة، الكيتوزس، انزياح المعدة، والكبد الدهني.
نصيحة عملية: راقب “فقدان الطاقة” بعد الولادة، ويمكن للطبيب البيطري متابعة مؤشرات مثل البيتا-هيدروكسي بيوتيرات (BHBA) في الدم عند الحاجة.
2) عليقة الأبقار الحلوب: طاقة عالية مع كرش صحي
نحتاج طاقة وبروتينًا لدعم الحليب، لكننا نحتاج أيضًا أليافًا فعالة حتى تعمل الكرش جيدًا. عندما يختل التوازن تظهر الحُماض الكرشي تحت الحاد (SARA)، ويؤدي إلى:
- إسهال واضطرابات هضم.
- نقص الاستهلاك والإنتاج.
- انخفاض دهن الحليب.
- تقرحات كرشية وخراجات كبدية.
- مشاكل أقدام بسبب التهاب الصفائح تحت السريري.
ثالثًا: اختر نظام التغذية المناسب… ثم راقب التنفيذ
تستخدم المزارع عادة أحد الأنظمة التالية:
1) الخلطة الكاملة TMR
يفضّلها كثيرون لأنها تقلّل اضطرابات الهضم وتزيد كفاءة التحويل وتُحسن الدقة وتقلّل العمالة.
لكنها قد تفشل إذا أخطأنا في التنفيذ. وتذكّر هذه القاعدة:
هناك ثلاث علائق: العليقة على الورق، والعليقة التي تصل للمعالف، والعليقة التي تأكلها الأبقار فعلًا.
أخطاء شائعة يجب أن تمنعها:
- عدم تحليل الأعلاف أو تجاهله.
- تغيّر المادة الجافة في السيلاج دون تعديل الخلطة.
- خلط زائد يفتّت الألياف.
- عدم دقة الوزن عند الخلط.
- إفراط/نقص طاقة في آخر الإدرار.
2) التغذية بالمكوّنات (حبوب منفصلة عن العلف)
يمكّنك هذا النظام من تعديل احتياج بعض الأبقار، لكنّه يرفع خطر الحُماض إذا أكلت البقرة كمية كبيرة من المركزات دفعة واحدة.
3) الرعي المُدار (Grazing)
ينجح إذا ضبطت إدارة المرعى ومواعيد الولادة والتلقيح. ومع الرعي، يجب أن تراقب:
- النفاخ.
- نقص المغنيسيوم.
- نقص النحاس والسيلينيوم.
- العرج بسبب المشي لمسافات طويلة.
رابعًا: إدارة التكاثر ترفع الإنتاج أكثر مما تتوقع
التلقيح الاصطناعي من أفضل أدوات تحسين الإنتاج الوراثي. ومع ذلك، يعاني كثير من القطعان من ضعف رصد الشبق؛ إذ قد تقل نسبة اكتشاف الشبق في بعض الأنظمة عن 40%. لذلك، تتحول بعض المزارع إلى برامج التلقيح الموقّت التي تنظم الحقن والمواعيد أسبوعيًا وتزيد نسبة الأبقار الحوامل.
لماذا يقلّل “التأخر في الحمل” إنتاج القطيع؟
لأن البقرة المفتوحة:
- تقضي وقتًا أطول في آخر الإدرار منخفض الإنتاج.
- قد تجف مبكرًا فتطول فترة الجفاف.
- يزيد احتمال إخراجها إذا بقيت مفتوحة أكثر من 300 يوم بعد الولادة.
- تقل العجلات البديلة، وترتفع كلفة العلاج والعمالة.
تشخيص الحمل المبكر: مهم لكنه يحتاج دقة
يمكن تشخيص الحمل بعد 30–35 يومًا. وعند استخدام بروتوكولات التزامن، يجب أن نمنع الخطأ؛ لأن إعطاء PGF2α لبقرة حامل قد يسبب فقد الجنين.
كذلك، قد يحدث فقد جنيني بنسبة 5%–10% بين اليوم 32 و60، لذلك يفضّل تأكيد الحمل بعد اليوم 60.
خامسًا: برنامج الإحلال (Replacement) يصنع فرقًا كبيرًا
العجلات لا تبدأ بتحقيق ربح إلا بعد منتصف الإدرار الثاني غالبًا، لذلك أي تأخير يرفع التكلفة ويقلّل الإنتاجية.
نقاط مهمة في الإحلال:
- استخدم السائل المنوي المُنتقى للإناث عند الحاجة؛ لأنه يرفع احتمال ولادة أنثى إلى 85%–90%.
- استفد من الاختبارات الجينومية لتحديد العجلات عالية القيمة وتسويق الأقل قيمة.
- ركّز على صحة العجول قبل الفطام لأن أعلى نفوق يكون عادةً في هذه المرحلة بسبب أمراض الهضم والتنفس.
- احرص على اللبأ الجيد والكمية المناسبة والنظافة والسكن الملائم.
سادسًا: حجم القطيع، الإخراج، وتركيب الأعمار
القطيع الذي يحتوي نسبة كبيرة من أبقار الإدرار الأول قد ينخفض إنتاجه مؤقتًا، رغم أن الأبقار الصغيرة قد تحمل وراثة أفضل. في المقابل، عندما ينجح التلقيح الموقّت وتتحسن الخصوبة، يحتفظ القطيع بأبقار أكبر وأكثر إنتاجًا، فتتحسن المتوسطات.
لذلك لا تنظر لرقم الحليب وحده؛ بل راقب أيضًا:
- نسبة الإخراج وأسبابه.
- نسبة الأبقار الكبيرة مقابل البكريات.
- عدد العجلات الجاهزة للدخول للإدرار.
سابعًا: البيئة والحرارة… عدو صامت للإنتاج
الأبقار عالية الإنتاج تولّد حرارة داخلية أعلى، وتقل شهيتها مع الحر والرطوبة، فينخفض الحليب. لذلك استخدم:
- تهوية قوية (مراوح).
- رشاشات/تبريد.
- تصميم حظائر مفتوح ومرتفع.
وفي البرد، تتحمل الأبقار جيدًا إذا بقيت جافة ومحميّة من الرياح. أمّا الطين والبلل فيرفعان الأمراض والعرج.
ثامنًا: فترة الجفاف وإدارة الأبقار الجافة
فترة الجفاف المثالية غالبًا 6–8 أسابيع:
- أقل من 40 يومًا يقلّل إنتاج الإدرار التالي.
- الزيادة الكبيرة قد تؤدي إلى سمنة وضعف كفاءة الإنتاج.
خلال الجفاف تظهر عوامل خطورة لأمراض ما بعد الولادة، لذلك ركّز على:
- ضبط الطاقة (لا إفراط ولا نقص).
- مراقبة المعادن خصوصًا الكالسيوم والمغنيسيوم حسب البرنامج.
- تقليل الازدحام والطين.
- برنامج تحصين ورعاية حوافر مناسب.
خلاصة سريعة قابلة للتطبيق
إذا أردت رفع إنتاج القطيع فعليًا، طبّق هذه القاعدة:
- غذِّ بشكل صحيح في الانتقال.
- احمِ الكرش من SARA عبر ألياف فعالة وتوازن الطاقة.
- حسّن الخصوبة لتقليل أيام “الفتح”.
- ارفع جودة الإحلال (لبأ + نمو + عمر أول ولادة).
- راقب البيئة والحرارة والجفاف لأنها تقرر نصف النتائج.