1. ما هو الغاز الحيوي ولماذا يهم المزارع الصغير؟

الغاز الحيوي (البيوجاز) هو خليط من الغازات ينتج عن تحلّل المواد العضوية لاهوائيًّا داخل خزان محكم الإغلاق.
يتكوّن غالبًا من:

• ميثان (CH₄) بنسبة تقارب 50–70٪
• ثاني أكسيد الكربون (CO₂)
• كميات بسيطة من غازات أخرى

هذا الغاز يمكن استخدامه في:

• الطهي على موقد غاز مخصَّص للبيوجاز
• تسخين المياه أو تشغيل سخان صغير
• في المشاريع الأكبر يمكن تشغيل مولّد كهرباء صغير

إلى جانب الغاز، ينتج عن العملية سماد سائل غني بالعناصر الغذائية يمكن استعماله في تسميد المحاصيل. وهكذا يتحول روث الحيوانات ومخلفات المزرعة من مشكلة بيئية إلى مصدر طاقة وسماد في نفس الوقت.

2. فكرة المشروع: هاضم حيوي (Digester) بسيط

المشروع يعتمد على إنشاء هاضم حيوي صغير يتناسب مع حجم المزرعة وعدد الحيوانات. الفكرة الأساسية:

1. إدخال خليط من روث الحيوانات والماء (وأحيانًا بعض المخلفات النباتية) إلى خزان محكم.
2. تتحلل المواد العضوية داخل الخزان بفعل بكتيريا لا تحتاج إلى الأكسجين.
3. يتكوّن الغاز في الجزء العلوي من الخزان ويُخزَّن أو يُنقل مباشرة إلى موقد الغاز.
4. يخرج من الخزان سماد عضوي سائل عبر فتحة خاصة.

المكوّنات الأساسية للهاضم الصغير

يمكن تنفيذ النظام بأبسط صورة من:

• خزان رئيسي (الهاضم):
  • قد يكون من الخرسانة المسلحة أو البلاستيك المقوّى أو خزّان بلاستيكي سميك مدفون جزئيًّا في الأرض.
• فتحة إدخال (Inlet):
  • قناة أو أنبوب يُدخل من خلاله خليط الروث والماء.
• فتحة خروج السماد (Outlet):
  • في مستوى أقل قليلًا من فتحة الإدخال تسمح بخروج السماد السائل الزائد.
• نقطة تجميع الغاز (Gas dome):
  • الجزء العلوي من الخزان، أو غطاء متحرك يجمع الغاز.
• أنبوب لنقل الغاز + صمام أمان:
  • أنبوب مرن يذهب إلى موقد الغاز، مع صمام لإيقاف الغاز عند عدم الاستخدام.
• فلتر بسيط للرطوبة والكبريتيد (اختياري):
  • أنبوب يمر داخل وعاء يحتوي على ماء أو مادة ماصّة لتحسين جودة الغاز.

كلما كان التصميم بسيطًا وواضحًا، سَهُلَ تشغيل المشروع وصيانته للمزارع.

3. المواد المستخدمة في التغذية (Feedstock)

أفضل مادة لعمل بيوجاز في المزارع هي روث الحيوانات، خصوصًا:

• روث الأبقار والجاموس
• روث الأغنام والماعز
• مع إمكانية إضافة كميات معتدلة من:
  • بقايا العلف الأخضر
  • مخلفات الخضروات في المزرعة أو البيت

شروط المادة العضوية المناسبة

• أن تكون طازجة قدر الإمكان (لا يمر عليها وقت طويل في الهواء).
• خلط الروث مع الماء بنسبة تقريبية 1 : 1 (جزء روث + جزء ماء) للحصول على قوام شبه سائل.
• تجنّب إدخال كميات كبيرة من: الرمل، الأحجار، البلاستيك، المعادن… لأنّها تعيق عمل الهاضم وتملأ سعته دون فائدة.

4. طريقة عمل الهاضم خطوة بخطوة

1) اختيار الموقع

• قرب حظيرة الحيوانات لتسهيل جمع الروث.
• بعيد نسبيًّا عن غرف النوم، مع تهوية جيدة.
• قريب من مكان استخدام الغاز (المطبخ أو غرفة التسخين) لتقليل طول المواسير.

2) تجهيز الخزان

• حفر مكان يناسب حجم الخزان ويفضّل أن يُدفن مع ترك الجزء العلوي ظاهرًا فقط.
• التأكد من أن الخزان أو الحفرة محكمة الإغلاق لمنع تسرب الهواء أو المياه الجوفية.
• تركيب مواسير الإدخال والخروج والغاز بإحكام، مع اختبارها بالماء قبل التشغيل.

3) بدء التشغيل (Start-up)

1. يملأ الخزان أولًا بالماء بنسبة كبيرة.
2. تُضاف كميات يومية من خليط الروث والماء حتى يصل الخزان إلى سعته التشغيلية.
3. في الجو المعتدل، يحتاج الهاضم من 3 إلى 6 أسابيع تقريبًا حتى يبدأ إنتاج الغاز بشكل واضح.
4. في هذه الفترة الأولى يُفضّل عدم الاعتماد الكامل على الغاز حتى يستقرّ النظام.

4) التشغيل اليومي

• إدخال كمية ثابتة من خليط الروث والماء كل يوم أو كل يومين.
• في المقابل، يخرج من فتحة الخروج تقريبًا نفس حجم السماد السائل.
• استعمال الغاز المتكوّن في الطهي، مع إطفاء الصمام بعد الانتهاء.

5. حجم الإنتاج المتوقع بشكل تقريبي

الأرقام تختلف حسب: نوع الحيوان، نوع العلف، درجة الحرارة، حجم الهاضم… لكن يمكن إعطاء مثال مبسط:

• مزرعة تحتوي على 3–4 أبقار حلوب أو لحم يمكن أن توفّر كمية روث يومية تكفي لتغذية هاضم حجمه 6–8 م³ تقريبًا.
• هذا الحجم قد ينتج في الظروف الجيدة من 1 إلى 3 م³ من الغاز الحيوي يوميًّا (أرقام تقريبية).
• هذه الكمية تكفي عادةً:
  • لتشغيل موقد غاز منزلي للطهي من 2 إلى 3 ساعات تقريبًا في اليوم،
  • أو لتسخين كمية من المياه لأغراض النظافة أو الاستخدامات المنزلية.

المهم أن يفهم المربّي أن المشروع يخفّض الاعتماد على غاز الأسطوانة، ولا يلغيه تمامًا في الغالب، خصوصًا في الشتاء البارد عندما تقل نشاط البكتيريا.

6. الاستفادة من السماد السائل الناتج

المادة التي تخرج من الهاضم ليست فضلات عديمة القيمة، بل هي:

• سماد عضوي سائل غني بالآزوت والفوسفور والبوتاسيوم والعناصر الصغرى.
• رائحته أقل إزعاجًا من الروث الخام.
• غالبًا ما يكون أقل في بذور الحشائش وبعض مسببات الأمراض نتيجة مرورها بمرحلة التخمر.

يمكن استخدامه في:

• تسميد الخضروات والحقول بعد تخفيفه بالماء (مثل 1 : 3 أو حسب حساسية المحصول).
• إضافته إلى نظام الري بالتنقيط في مشاريع صغيرة، مع فلترة بسيطة حتى لا يسبب انسدادًا للنقاطات.

بهذا الشكل يجمع المشروع بين إنتاج الطاقة وتحسين خصوبة التربة في دورة مغلقة داخل المزرعة.

7. نموذج مبسّط لمشروع صغير (كمثال فقط)

لنفترض مزرعة عائلية تحتوي على:

• 4 أبقار لحم أو حلوب
• مصدر مياه متوفر
• مساحة صغيرة قرب الحظيرة لبناء هاضم حجمه 8 م³ تقريبًا

التكاليف التقديرية (متغيّرة حسب بلدك ومواد البناء)

• خزان أو حوض خرسانة + تغطية + مواسير: مبلغ أساسي لمرة واحدة (يُقدّر محليًّا).
• صمام غاز + خرطوم + موقد بسيط للبيوجاز.
• تكاليف حفر وإنشاء (عمالة).

العائد المتوقع

• توفير جزء من تكلفة غاز الطهي شهريًّا.
• الاستفادة من السماد السائل بدل شراء جزء من الأسمدة الكيماوية.
• تقليل الروائح والذباب في الحظيرة نتيجة إدارة روث الحيوانات بطريقة منظّمة.

مع الوقت، ومع المحافظة على التغذية اليومية للهاضم، يمكن للمشروع أن يسترد تكلفته خلال عدة سنوات حسب أسعار الطاقة والأسمدة في منطقتك.

8. نصائح مهمة للسلامة والتشغيل

• عدم إشعال أي لهب قرب الهاضم أو نقطة خروج الغاز.
• تركيب صمام غلق رئيسي عند خروج الغاز، وإغلاقه بعد كل استخدام.
• صيانة دورية لمواسير الغاز للتأكد من عدم وجود تسريب (باختبار فقاعات الصابون مثلًا).
• عدم إدخال مواد كيميائية منظفة أو زيوت محركات أو أدوية بكميات كبيرة داخل الهاضم، لأنها تقتل البكتيريا النافعة.

خاتمة

مشروع إنتاج الغاز الحيوي من روث الحيوانات ومخلفات المزرعة مشروع بسيط نسبيًّا، لكنه يقدّم للمربّي ثلاث فوائد رئيسية في وقت واحد:

1. طاقة نظيفة للطهي أو التسخين.
2. سماد عضوي سائل محسّن للتربة والمحاصيل.
3. إدارة أفضل للمخلفات وتقليل للروائح والحشرات في الحظيرة.

عندما يُصمَّم الهاضم بحجم مناسب ويُدار بشكل منتظم، يتحول الروث من عبء يومي إلى مصدر دخل غير مباشر يساعد في تحسين ربحية المزرعة واستدامتها.