الإجهاد (Stress) عامل أساسي يرفع قابلية الأبقار للإصابة بالأمراض ويؤثر في كفاءة المناعة. لذلك فإن طريقة تنفيذ الممارسات الإدارية وتوقيتها قد تصنع فرقًا كبيرًا في صحة القطيع. كذلك تؤثر موجات الحر والبرد في الجهاز المناعي، وقد تقود إلى نتائج صحية سلبية إذا لم نخفف مسببات الإجهاد قدر الإمكان.
1) لماذا يُعدّ الإجهاد نقطة البداية في صحة أبقار اللحم؟
عند تعرض الأبقار لضغط متكرر (نقل، خلط قطعان، تغيير علف، ضغط حراري، تعامل خشن)، يزداد خطر:
- تراجع الشهية وانخفاض النمو.
- ضعف الاستجابة المناعية.
- زيادة احتمالية الأمراض التنفسية وغيرها، خصوصًا عند صغار العجول.
لهذا، الهدف العملي للمربي ليس “منع كل إجهاد” (وهذا غير ممكن)، بل تقليل شدته ومدة حدوثه، وتجنب جمع أكثر من سبب في نفس الفترة.
2) الفطام: الحدث الأكثر إجهادًا بعد الولادة
يُعدّ الفطام من أكثر المراحل حساسية لأن العجل:
- يُفصل عن أمه.
- يتكيف مع غذاء جديد وبيئة مختلفة.
- قد يُخالط عجولًا غير مألوفة، ما يزيد فرص التعرض لمسببات مرضية وانتقال العدوى.
لذلك يجب أن يستهدف برنامج الفطام: تقليل الصدمة، وتسهيل الانتقال، وتخفيض المخاطر الصحية.
ما الذي ينجح عادةً خلال الفطام؟
- تقليل الازدحام والضوضاء والحركة العنيفة.
- توفير علف وماء “سهل الوصول” فورًا.
- تجنب دمج الفطام مع إجراءات مؤلمة أو متعبة في نفس اليوم.
3) توقيت الخصي وإزالة القرون والتحصين: افعلها قبل الفطام
من الأفضل إجراء الخصي وإزالة القرون قبل الفطام، ويفضّل قبل وصول العجول إلى وزن يقارب 136 كغم (300 رطل). الفكرة هنا بسيطة: كلما تأخرنا، زادت شدة الضغط وصعبت الاستجابة وتعافى الحيوان ببطء أكبر.
كما يُستحسن أن يحصل العجل قبل الفطام على جرعة واحدة على الأقل من:
- لقاحات الكلوستريديا (الأمراض الكلوستريدية).
- لقاحات الأمراض التنفسية الفيروسية ضمن إطار مرض الجهاز التنفسي البقري (BRD).
مهم: تفاصيل البرنامج (الأنواع والجرعات والمواعيد) يضعها الطبيب البيطري حسب العمر والمنطقة والوضع الوبائي.
لماذا “قبل الفطام” مهم؟
لأن إنجاز التطعيمات والتجريع ضد الديدان وأي إجراءات ضرورية قبل الفطام يسمح بأن يتم الفطام بأقل تعامل إضافي، وبالتالي يقل الإجهاد خلال هذه المرحلة الحساسة.
4) التهيئة قبل التسويق Preconditioning: استثمار صحي قبل البيع أو النقل
التهيئة قبل التسويق هي برنامج يجهّز عجول التسمين للانتقال إلى السوق أو المزارع أو الحظائر النهائية، وغالبًا يشمل:
- فطامًا منظمًا.
- تحصينات محددة.
- تجريعًا ضد الطفيليات (الديدان).
- خصيًّا وإزالة قرون عند الحاجة.
- تدريب العجول على الأكل من المعالف والشرب من المشارب داخل الحظيرة.
الفكرة أن العجل المهيّأ يتحمل ضغوط التسويق والخلط والنقل أفضل، ويبدأ بالأكل والشرب أسرع، فتقل معدلات المرض والوفيات مقارنة بعجول غير مهيّأة.
هل للتهيئة مردود اقتصادي؟
في كثير من نظم التسويق، قد يحصل المربي على علاوة سعرية تقريبية (مثل 5–10 دولارات لكل 45 كغم/100 رطل عند التسويق المناسب)، إضافة إلى فرصة زيادة وزن العجول خلال فترة التهيئة إذا كانت تكلفة الزيادة أقل من قيمة الربح السوقي.
5) التسمين الوسيط: Backgrounding وStockering
بعد الفطام وقبل مرحلة الإنهاء (التسمين النهائي)، توجد مرحلة وسيطة لتربية العجول وتنميتها:
- Stockering: تنمية أطول على المراعي.
- Backgrounding: تنمية في حظائر جافة/ساحات تغذية.
هذه المراحل قد تحقق أهدافًا مشابهة للتهيئة، لكنها غالبًا تمتد لفترة أطول (قد تزيد عن 63 يومًا). وفي المقابل، عندما تُباع عجول دون فطام وتهيئة كافية، يرتفع خطر المرض والوفيات، وتحتاج العجول لإدارة أدق خلال الأسابيع الأولى بعد الوصول.
6) التغذية وصحة المناعة: أثر تغذية الأم على مناعة المولود
التغذية ليست “أرقام نمو فقط”، بل قد تحدد مستوى المناعة. تغذية الأم أثناء الحمل تؤثر في:
- كمية وجودة اللبأ (السرسوب).
- قدرة العجل المولود على اكتساب الأجسام المضادة عبر اللبأ.
وعند نقص تغذية الأمهات الحوامل، قد تظهر نتائج سلبية مثل:
- زيادة عسر الولادة بسبب ضعف الحالة الجسمية.
- ضعف الأم وقت الولادة.
- نقص أو ضعف جودة اللبأ.
- ولادة عجول ضعيفة.
- زيادة فترة ما بعد الولادة دون شبق، ما يرفع نسبة الأمهات غير الحوامل التي قد تُستبعد من القطيع.
أما العجول النامية، فقد تظهر اضطرابات أو نواقص تغذوية أكثر في نظم الرعي والتسمين الوسيط مقارنة بالحظائر النهائية، لكنها قد تحدث في أي نظام إذا اختل التوازن الغذائي.
7) التعامل منخفض الإجهاد Low-Stress Handling: مهارة تغيّر النتائج
التعامل الخشن أو غير المنظم يرفع المرض والوفيات. في المقابل، المزارع التي تطبق أساليب التعامل منخفض الإجهاد غالبًا تلاحظ تحسنًا واضحًا في الصحة والأداء، خاصة إذا كانت تعاني سابقًا من معدلات مرضية مرتفعة.
مبادئ سلوكية تساعدك في التعامل الهادئ
المتعامل الناجح يفهم سلوك الأبقار ويستفيد منه، مثل:
- الأبقار تفضّل رؤية المُتعامل؛ لذلك لا تستجيب جيدًا عندما تُدفع من خلفها بشكل “مفاجئ”.
- تتحرك عادةً مبتعدة عن الضغط، وتميل للمرور حولك.
- تستجيب للضغط عندما تُطبّقه، ثم تتحسن الحركة عندما تُخففه في الوقت المناسب.
- تفضّل البقاء مع القطيع، فتتحرك باتجاه بقية الأبقار.
- تركّز غالبًا على “مثير واحد” في اللحظة؛ كثرة الأصوات والحركة تُربكها.
نقطة مهمة: نجاح التعامل منخفض الإجهاد يحتاج “تغيير سلوك الفريق” وليس مجرد معرفة نظرية.
8) تصميم المنشآت والحظائر: اجعل المنشأة تخدمك لا تعيقك
المنشآت ليست هدفًا بحد ذاته؛ هي أداة لتسهيل العمل وتقليل الإصابات والإجهاد. لذلك يجب أن يراعي التصميم:
- المقاسات والمسافات (لا ضيق شديد ولا فراغات تسبب ارتدادًا).
- اتجاه الحركة وتدفق القطيع بسلاسة.
- إمكانية تعديل أجزاء من المنشأة لاحقًا حسب الخبرة.
- تهوية جيدة ومساحة كافية لتقليل الحرارة والرطوبة.
- أرضية آمنة تمنع الانزلاق.
- نظافة وتصريف يمنع تراكم الطين والروث.
ملاحظة واقعية
أفضل تصميم لن يعوض التعامل السيئ. لكن التعامل الجيد غالبًا يستطيع تخطي كثير من عيوب المنشأة—ومع الوقت، تعدّل المنشأة بناءً على “نقاط التعطل” التي تلاحظها.
9) نقل أبقار اللحم: طبّق نفس مفهوم “خفض الإجهاد”
النقل مرحلة حساسة لأنها تجمع: ضغط التعامل + ازدحام + تغير بيئة + اختلاط. لتقليل الضغط:
- حافظ على تهوية ومساحة مناسبة داخل وسيلة النقل.
- تجنب الازدحام الشديد.
- قلل مدة الانتظار والتوقف غير الضروري.
- استخدم أساليب تحميل وتفريغ هادئة.
- افحص مناطق الخطر (حواف حادة، أرضيات زلقة) لتجنب إصابات.
قائمة تطبيق سريعة “قبل الفطام/البيع/النقل”
- ✅ أنجز الخصي وإزالة القرون قبل الفطام قدر الإمكان.
- ✅ ابدأ برنامج تحصين (كلوستريديا + تنفسي) قبل الفطام وفق الطبيب البيطري.
- ✅ درّب العجول على المعالف والمشارب قبل التسويق أو النقل.
- ✅ خطّط للفطام بحيث لا تجمع معه إجراءات إضافية في نفس اليوم.
- ✅ حسّن سلوك الفريق في التعامل منخفض الإجهاد.
- ✅ راجع تصميم المنشأة: تدفق حركة، أرضية، تهوية، نظافة.
- ✅ جهّز النقل: تهوية، مساحة، تحميل هادئ، تقليل المدة.